لماذا فاز إسلاميو تونس بأغلبية المجالس في انتخابات الطلبة؟

أربعاء, 23/11/2016 - 12:45

اعتبر محلّلون سياسيون فوز الاتحاد العام التونسي للطلبة، الذراع الطلّابي لحركة النهضة وممثل التيّارات الإسلامية، بأغلبية المقاعد المتنافس عليها في انتخابات المجالس العلمية في الجامعات التونسية، انعكاسا طبيعيا لواقع الحياة السياسية في البلاد، حيث تكاد تنفرد فيه النهضة بهيكلية تنظيمية مستقرة.

وأُعلن، الجمعة، في تونس فوز الاتحاد العام التونسي للطلبة بـ262 مقعدا من بين 403 مقاعد متنافس عليها (65.17 بالمئة)، ومن إجمالي المقاعد البالغ 524 مقعدا، أي 50 بالمئة من مقاعد المجالس العلمية.

بينما تحصّل الاتحاد العام لطلبة تونس (يسار) على 144 مقعدا (27.48 بالمئة)، وصوت الطالب التونسي ستّة مقاعد (1.14 بالمئة)، والمستقلون 66 مقعدا (12.59 بالمئة)، أمّا المقاعد الشاغرة فبلغت نسبتها 8.79 بالمئة.

رصيد بشري

وقال الإعلامي والمحلّل السياسي صلاح الدين الجورشي أنّ نتائج الانتخابات تؤكد بأنّ الإسلاميين يسيطرون على موازين القوى في الجامعات التونسية، ما يشكل رصيدا بشريا هاما لحركة النهضة على المستوى الشبابي والطلابي.

وتابع الجورشي في تصريح لـ"عربي21" بقوله إن النتائج تعكس في الوقت نفسه تراجع حجم قوى اليسار؛ نتيجة الخلافات المستمرة التي تشق تياراته في الجامعات التونسية.

وقال: "يمكن القول إن موازين القوى على الصعيد الوطني تتشابه حتّى داخل الإطار الجامعي، ولكن رغم هذه الانتخابات فإنه من المؤكد أنّ الحركة الطلابية في تونس عموما تراجعت عمّا كانت عليه من قبل في أدائها وتأثيرها على الساحة الوطنية"، وفق تعبيره.

وخلص إلى أنّ اليسارَ عموما مُطالب بأن يستخلص الدروس من هذه النتائج، "فمنذ ثورة يناير 2011 وإلى اليوم لم يتغير تقريبا المشهد السياسي وغيره، بحيث يميل لصالح الإسلاميين، رغم الانتقادات الكبيرة التي توجّه من حين إلى آخر لحركة النهضة في ما يتعلّق بمستوى أدائها السياسي بشكل عام"، كما قال الجورشي".

أمر طبيعي

ورأى الباحث والمحلّل السياسي نبيل المناعي أنّ الأصل في منظمات المجتمع المدني عدم الاشتغال في السياسية، لكن في واقع الحال تكاد أغلب المنظمات النقابية الطلابية في تونس تمثل الحزام السياسي لعدد من الأحزاب والتيارات والحساسيات داخل الحرم الجامعي.

وأضاف المناعي في تصريح لـ"عربي21" بقوله إنّ الطرف الوحيد الذي ينشط في إطار تنظيم هيكلي واضح في الجامعات هو الاتحاد العام التونسي للطلبة، الذراع الطلابي للنهضة، "وبالتالي فإنّ فوز الإسلاميين في انتخابات دارت في ظروف سياسية عادية تعيشها البلاد أمر طبيعي".

وأوضح المناعي أنّ حالة الاستقرار السياسي والروتين الذي يطغى على الحياة العامة في تونس جعلت الاتحاد العام التونسي للطلبة يظفر بأغلبية المقاعد، "لكن ربّما كانت النتائج غير ذلك لو أجريت الانتخابات في ظروف شبيهة بتلك التي عاشتها البلاد حين اغتيال المعارضين شكري بلعيد أو محمد البراهمي"، وفق تعبيره.

قوّة التنظيم

ولفت إلى أنّ الروتين غير المسبوق الذي تشهده الجامعات التونسية فسح المجال أمام الإسلاميين لتحقيق الفوز، باعتبار انهم يتحكمون في عاملين أساسيين لإدارة اللعبة الانتخابية، وهما الإمكانيات المادية والبشرية للقيام بالعملية الاتصالية المباشرة والتنظيم الهيكلي المستقر".

وأشار المناعي إلى أنّ غياب نسبة كبيرة من الطلبة عن التصويت، "أو لعلهم قاطعوا الانتخابات، ساهم كثيرا في فوز الإسلاميين بالأغلبية، باعتبار تحلّي هؤلاء بالانضباط والتطوّع الكلّي لهذا الاستحقاق".

وفسّر المناعي قوّة التنظيم الهيكلي للاتحاد العام التونسي للطلبة، ومن ورائه "النهضة"، بطبيعة الحركات الإسلامية التي تتوفر على عناصر عدّة، منها الزعيم والشخصيات والقواعد القوية، إضافة إلى الطاعة والدغمائية، ما يساعد على تحقيق الانضباط داخل الحركة. 

وقال المناعي إن حزب نداء تونس غائب تماما عن الجامعات، بينما بقيت التيارات اليسارية في الجامعات، على غرار حزب العمّال (بوكت) والوطنيين الديمقراطيين -حزب شكري بلعيد- (وطد) والوطنيين الديمقراطيين بالجامعة (وطدج) متقزمة، حيث تدور في حلقات مفرغة ومغلقة، وهم غير قادرين على تحويل أفكارهم ومبادئهم إلى خطاب شعبي.

حوادث عنف

وواصل بقوله إنّ القوميين خسروا رصيدهم في الجامعات التونسية مع رحيل صدام حسين وميشال عفلق واندلاع الحرب في ليبيا وسوريا.

واعتبر المناعي أنّ الجامعات التونسية لم تعد كما كانت في سنوات الماضية، حيث باتت ساحة مفتوحة للعمل السياسي دون سواه من الأنشطة الثقافية والاجتماعية.

وتابع بقوله :"لم يعد التنافس بين المنظمات النقابية الطلابية على برنامج يفي لاحتياجات الطلبة أو معارك مبدئية مع وزارة التعليم العالي أو من أجل وضع تصوّرات وحلول لمشاكل هؤلاء".

يُشار إلى أنّ انتخابات المجالس العلمية في الجامعات التونسية شهدت حوادث عنف متفاوتة الخطورة بمؤسسات في العاصمة، أهمها كلية الآداب بمنوبة، ومعهد ابن شرف للعلوم الاجتماعية بتونس، وكلية 9 أبريل للعلوم الاجتماعية.

كما شهدت كلية الحقوق بمحافظة سوسة (الوسط الشرقي) وكلية العلوم القانونية بجندوبة (الشمال الغربي) حوادث مماثلة، وفق ما صرّح به عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للطلبة فارس التارزي ومدير حملته الانتخابية لوكالة تونس إفريقيا للأنباء.