هل معركة الحُديدة "بداية نهاية" الحوثيين أم هي "تخيلات" في ذهن التحالف؟

اثنين, 18/06/2018 - 12:12

ناقش عدد من الصحف العربية العملية العسكرية التي تشنها قوات تابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا مدعومة من التحالف بقيادة السعودية لاستعادة ميناء الحُديدة اليمني الاستراتيجي من سيطرة المتمردين الحوثيين.

وتضاربت أنباؤها بشأن مصير المدينة إذ أكد بعض الصحف نبأ اقتحامها والسيطرة على مطارها، ونفت صحف أخرى، موالية للحوثيين في الغالب، ذلك.

ورأى بعض الكُتّاب أن استعادة المدينة قد تدفع الحوثيين إلى طاولة المفاوضات، وأشار آخرون إلى أن المعركة تُمثّل "مرحلة جديدة في تحرير اليمن".

ومن المتوقع أن تكون هذه المعركة الأكبر منذ نحو ثلاث سنوات بين التحالف وحركة أنصار الله الحوثية التي مازالت تسيطر على العاصمة صنعاء.

تضارب بشأن اقتحام المدينة

نقلت صحيفة الحياة اللندنية عن الناطق باسم الجيش اليمني، عبده مجلي، قوله إن الجيش الوطني والمقاومة بإسناد من طيران التحالف العربي "حررا مطار الحديدة الدولي بالكامل"، مشيراً إلى أنه "لم يبقَ سوى بضعة كيلومترات تفصلنا عن ميناء الحديدة، ومثلما وصلت قواتنا إلى المطار ستصل إلى الميناء".

وقالت صحيفة اليوم السعودية في عنوان لها: "انهيار الميليشيات أمام الشرعية في محيط مطار الحُديدة".

لكن صحيفة الثورة اليمنية نقلت عن محمد الشريف، وكيل الهيئة العامة للطيران المدني التي يسيطر عليها الحوثيون، نفيه صحة دخول "مجاميع الغزاة والمرتزقة مطار الحديدة الدولي".

وقال الشريف إن الصور التي تم تداولها في بعض المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي عن مطار الحديدة تم أخذها بتاريخ 24 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

وكتبت أحلام عبد الكافي على موقع النجم الثاقب الإخباري الموالي للحوثيين تقول: "ما أشبه أكاذيب العدوان في مواجهات الساحل الغربي اليوم بأراجيفهم التي صاغوها في معاركهم السابقة واللاحقة منذ بداية العدوان وحتى اليوم، نفس الكيفية ونفس الأكاذيب ونفس الأداة ونفس النتيجة بنفس النفسية المهزومة".

وتضيف الكاتبة: "لكني أقول لهم فلتصلوا إلى الحُديدة ولتحاولوا احتلالها بل ولتصلوا إلى صنعاء…إلى حارتي بل إلى بستان بيتي، ليست العبرة بوصولكم بل العبرة كم ستمكثون وكيف سنستقبلكم؟ هل سنستسلم لكم أم سنرضى باحتلالكم؟ أم يا ترى مخيّلاتكم تخبركم أنكم دخلتموها لنزهة ونحن سنستقبلكم بالفل والرياحين….خاب ظنكم وخسرت أمانيكم".

مرحلة جديدة

ويرى سعود السرحان في الشرق الأوسط اللندنية أن المعركة تُمثّل "مرحلة جديدة في تحرير اليمن، هي مرحلة بداية النهاية".

وشكّك كُتّاب في قدرة الحوثيين على الصمود والمقاومة. فكتب سلمان الدوسري في الشرق الأوسط يقول: "لا شك أن الحديدة هي آخر المدن الكبيرة التي يسيطر عليها الحوثيون ولن يبقى لهم بعد ذلك سوى العاصمة صنعاء يتحصنون بها، فهل الحوثيون قادرون على الصمود طويلاً في الحديدة؟! كل المؤشرات تقول إن تلك عملية صعبة جداً وأكبر من قدراتهم، فمقاتلوهم لا يتجاوزون ألفي مقاتل في المدينة ويعدون فيها من الغرباء المنبوذين".

ويضيف: "إن استعادة المدينة الاستراتيجية وحرمان الحوثيين من أهم مصادر تمويلهم وتسليحهم سيدفعهم دفعاً إلى طاولة المفاوضات، وما لم تحققه الأمم المتحدة من صمتها الطويل سيحققه العمل العسكري بعد أن طال انتظاره".

في السياق ذاته، تقول منى بوسمرة في البيان الإماراتية إن "تطهير الحديدة سيؤدي إلى إجبار كل أطراف الصراع على الامتثال للتسوية السياسية السلمية، فالغاية النهائية هنا منفعة الشعب اليمني، ووضع حد للمشاريع الإقليمية التي تريد تخريب المنطقة وتشظيتها وجعلها تابعة لها".

وكتب صادق ناشر في الخليج الإماراتية يقول: "كان قرار معركة تحرير الحديدة قراراً استراتيجياً في الحرب من أجل ضرب العمود الفقري للحوثيين، لما تشكله المدينة من أهمية عسكرية وأمنية واقتصادية. واستعادتها تعني قطع شرايين الإمداد العسكري والاقتصادي عن الحوثيين، باعتبار أن ميناء المدينة هو المعبر الوحيد لتهريب الأسلحة الإيرانية، وخصوصاً الصواريخ التي يتم استخدامها ضد السعودية".

ويضيف الكاتب: "تحرير المدينة سوف يضع جماعة الحوثي أمام خيارات صعبة، ذلك أن تقليص نفوذهم في منطقة استراتيجية مهمة، وإبعادهم عن الساحل سوف يفرض عليهم إعادة النظر في سلوكهم السياسي والعسكري، ويجبرهم بالتالي على الجلوس إلى طاولة المفاوضات".

السيناريوهات المتوقعة

وكتب مصطفى السعيد في الأهرام المصرية يقول إن السيناريوهات المتوقعة للمعركة تنحصر في ثلاثة احتمالات: الأول هو السيطرة السريعة لقوات التحالف العربي على مطار وميناء الحديدة، "وهو ما سيشكل ضربة قوية لقوات الحوثيين وحلفائهم".

أما الاحتمال الثاني فهو أن "تواصل قوات التحالف العربي تقدمها للسيطرة على الهضبة اليمنية، وهو احتمال صعب لأن الخسائر ستكون أفدح بكثير من معركة الحديدة".

أما الاحتمال الثالث فهو أن تصمد قوات الحوثيين في الحُديدة، وتؤدي المعركة الطويلة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، بما يفوق احتمال الدول الكبرى الداعمة للتحالف العربي، على حد قول الكاتب.

وتقول إحسان الفقيه في صحيفة مأرب الالكترونية اليمنية إنه "من المحتمل أن معركة الحديدة لا تتمتع بترتيبات تفضي إلى انسحاب سلس للحوثيين والقوى المتحالفة معهم. والتمسك بخيار القتال حتى النهاية سيفضي إلى معركة طويلة الأمد ذات تداعيات مؤلمة على المدنيين، ودمار عام يشمل المدينة والميناء".

وترى الكاتبة أنه يمكن لنجاح قوات التحالف في السيطرة على الحديدة أن يفتح آفاقا لتسوية سياسية أساسها هو تقاسم السلطة بين الفرقاء وتضيف أن "من بين هؤلاء الفرقاء جماعة الحوثي، التي يمكن أن تحصل على دور سياسي غير عسكري".