البنوك الإسلامية العاملة في موريتانيا والانحراف في التطبيق ( التطبيق1)

أحد, 25/09/2016 - 11:31

تقدم البنوك الإسلامية مجموعة من الأعمال المصرفية  وفقا لأدوات تنطلق من الطبيعة الخاصة لتلك المصارف، كما تقدم مجموعة من التسهيلات الائتمانية والتي تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، 

ومن أجل تحقيق ذلك التوافق في تطبيق العمليات المصرفية داخل المنظومة المصرفية الإسلامية يمتلك كل مصرف ضمن هيكلته الإدارية هيئة شرعية تحتل مكانة متقدمة حيث تتبع مباشرة لأعلى هيئة " مجلس الإدارة"، وتقوم بدور كبير في الرقابة على العمليات المصرفية وفقا لعدة مستويات من الرقابة وبالأخص الرقابة المتزامنة والتي تقوم الانحرافات مباشرة، وفي هذا المقال سنعالج الموضوع  وفقا لدراسة عينة من كل  الأعمال المصرفية من الناحية النظرية ومقارنتها بالتطبيق الذي تجريه المصارف كما يلي:
أولا: أدوات التمويل : تقدم المصارف الإسلامية العاملة في موريتانيا مجموعة من أدوات التمويل التي تتوافق والشريعة الغراء ومن هذه العقود ما يلي:
ـــ المرابحة، البيع بالتقسيط ، التورق، المرابحة للآمر بالشراء ، الإجارة، الإجارة المنتهية بالتمليك وسنتناول التورق كعينة من أدوات التمويل.  


  ــــ التورق : يتناول المعيار30 الصادر من هئية المحاسبة والرقابة للمؤسسات المالية الإسلامية، الضوابط التي يجب إتباعها عند إبرام عقد تمويل بواسطة أداة " التورق "  وذلك كما يلي:
* تعريف التورق: شراء سلعة بثمن آجل مساومة أو مرابحة ثم بيعها إلى غير من اشتريت منه للحصول على النقد بثمن حال .
*ـ ضوابط صحة عملية التورق:
ـــ استيفاء المتطلبات الشرعية لعقد شراء السلعة بالثمن الآجل، مساومة أو مرابحة .....
ـــــ وجوب تعيين السلعة تعيينا يميزها عن موجودات البائع الأخرى بالحيازة أو بطرق شرعية أخرى....
ــــ عند حضور السلعة وقت العقد فإنه يجب تزويد العميل ببيانات السلعة بالوصف أو النموذج ويفضل أن يتم بالسلع المحلية.
ــــ قبض سلعة قبضا حقيقيا أو حكميا
ــــ وجوب أن يكون بيع السلعة إلى غير البائع الذي اشتريت منه بالأجل لتجنب العينة المحرمة، وأن لا ترجع إلى البائع بشرط أو مواطأة أو عرف.
ــــ عدم الربط بين عقد شراء السلعة بالأجل وعقد بيعها بثمن حال،سواء كان الربط بالنص في المستندات، أم بالعرف، أم بتصميم الإجراءات.
ــ عدم توكيل العميل للمؤسسة أو وكيلها في بيع السلعة التي اشتراها منها وعدم توكل المؤسسة عن العميل في بيعها
ـــ أن لا تجري المؤسسة للعميل توكيلا لطرف آخر يبيع له السلعة التي اشتراها من تلك المؤسسة.
ــــ أن لا يبيع العميل السلعة إلا بنفسه أو عن طريق وكيل غير المؤسسة مع مراعاة بقية البنود .


عقد التورق من أكثر الأدوات المستخدمة في المصارف الإسلامية وكذلك النوافذ الإسلامية في المصارف العاملة في موريتانيا ويتم أساسا في كثير منها على سلعة معينة وهي " بطاقات الشحن" وهذا النوع من التورق يطلق عليه التورق الفقهي وحكمه الجواز بضوابطه الشرعية المذكورة آنفا ومستند مشروعيته من الكتاب والسنة من مشروعية البيع، وقد تأكدت مشروعيته بقراري مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي وقرار اللجنة الدائمة في هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ( فتوى رقم 19297) والعديد من هيئات الرقابة الشرعية .
إن الجانب التطبيقي في هذه المصارف الإسلامية غالبا ما ترافقه بعض التجاوزات التي تجعل العقد ينحرف إلى بيع محرم وهو بيع العينة ومن ذلك أن المصرف يوكل العميل في تسلم السلعة فتكون العلاقة ثنائية مابين العميل والتاجر ويكون البنك وقع كذلك في بيع ما لم يضمن وهو أمر منهي عنه بقوله صلى الله عليه وسلم " لا يحل سلف وبيع، و لا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك" .
ومن تلك التجاوزات العظيمة والتي تعد ربا صريحا أن بعض المصارف الإسلامية ، يعرض على العميل بعد اكتمال الإجراءات أن يتسلم النقود مباشرة بل ويمدح له ذلك وبأنه سيتجنب بذلك خسارة مبلغ بيعه السلعة حطيطة.
ومما سبق يتضح وجود خلل يجب على هيئة الرقابة تصحيحه وهو أمر لا يمكن أن يتم  إلا بوجود مدقق شرعي داخلي يراقب العمليات بشكل يومي وهو أمر غائب للأسف في  البنوك باستثناء بنك واحد من البنوك الخمسة التي زارها الباحث، كما يفرض على هيئة الرقابة الشرعية للمصارف أن تعكف على تدريب العاملين في مجال تقديم أدوات التمويل والاستثمار .
يتبع ........
محمدمحمود بن عبد الرحمن / باحث في المالية الإسلامية