لعبة بوتين الشرق أوسطية خدعت الولايات المتحدة

أربعاء, 29/11/2017 - 10:38

ركز أكثر من صحيفة من صحف الأربعاء البريطانية في تناولها للشؤون الشرق أوسطية على مفاوضات جنيف لتحقيق السلام في سوريا.

وكرست صحيفة الغارديان لذلك مقالا افتتاحيا فضلا عن تقرير كتبه محرر الشؤون الدبلوماسية، ونشرت التايمز مقالا تحليليا في هذا الشأن.

ويرى روجر بويز في مقاله لصحيفة التايمز أن بوتين قد تفوق في دهائه السياسي في ما يسميه "لعبته السياسية الشرق أوسطية" على كل من الرئيسين الأمريكيين باراك أوباما ودونالد ترامب عبر استخدام واقعية سياسية وخبرته في المنطقة.

ويقول الكاتب إن تدخل روسي لعامين في سوريا يكلفها أكثر من مليوني ونصف دولار يوميا، وقد خسرت روسيا أحد قادتها العسكريين الكبار في سوريا، لكن الحرب فتحت أيضا منجما لشركات بيع الأسلحة الروسية.

ويضيف أن الحملة التي يفترض أنها شنت ضد تنظيم الدولة الإسلامية سمحت لموسكو باختبار ليس أقل من 600 نوع من أسلحتها، بما فيها مخزونات الأسلحة القديمة، إذ حتى طائرات إس- يو 25 التي يصفها الكاتب بأن قنابلها لم تصب أهدافها بشكل دقيق في نحو 1600 حادثة في مناطق المعارضة السورية، باتت تُباع الآن بشكل جيد.

ويقول الكاتب إن الرئيس الروسي قد ربح سوريا وكل ما يحتاجه الآن أن يربح معركة السلام، ليقدم نفسه إلى بقية بلدان الشرق الأوسط بوصفه الرجل الذي لا يتخلى عن حلفائه في الضراء أو السراء وأنه سيصبح لاعبا معترفا به في المشهد العالمي.

سيناريو مستقبلي

ويشير المقال إلى أن ثمة لحظات تحتاج فيها موسكو وواشنطن للتعاون بوضوح، لكن بوتين كانت لديه في معظم الأحيان نية اللعب على ترامب وخداعه.

ويرسم الكاتب ما يراه سيناريو ما يسميه نصر بوتين الذي سيبدو بنظره كالتالي: بقاء الأسد في السلطة حتى يجد الكرملين بديلا مناسبا، ستوسع روسيا قاعدتها البحرية في طرطوس لاستيعاب عشرات السفن الحربية وستسعى أيضا لتقرير من سيمثل المعارضة في مفاوضات الطاولة المستديرة المستقبلية، وأن تتولى أمريكا والاتحاد الأوروبي قائمة تمويلات إعادة بناء البنية التحتية المحطمة في سوريا، على أن تنسحب الولايات المتحدة بعد فترة وجيزة، بوصة بوصة، من الشرق الأوسط.

ويتساءل الكاتب كيف يمكن أن تخدع الولايات المتحدة بهذه الطريقة؟ ويجيب على تساؤله معيدا بداية ذلك إلى استخفاف أوباما بخبرة بوتين في الشرق الأوسط.

ويضيف أن بوتين، ضابط المخابرات السابق، قد تدرب على يد رئيس الوزراء والقيادي السابق في المخابرات الروسية والمستعرب يفغيني بريماكوف، الذي علمه كيف يستخدم الشرق الأوسط كرصيد ومنطقة نفوذ ضد الولايات المتحدة.

ويخلص الكاتب إلى أن الهدف الرئيسي لسياسة بوتين الشرق أوسطية هو حماية روسيا من المتمردين الإسلاميين فيها، ولكن في المستوى الأعم أيضا إظهار تعب الولايات من الحرب وترددها في القيادة.

"حماقة الحرب"

وتكرس صحيفة الغارديان افتتاحيتها للموضوع ذاته تحت عنوان "حماقة الحرب وسخرية مفاوضات السلام المترددة".

وتنطلق الافتتاحية من أن أحد دروس التاريخ يشير إلى أن خطط السلام يصوغ مفرداتها المنتصرون، موضحة أن بعد نحو عام تقريبا من سقوط حلب، آخر معقل مدني كبير للمعارضة السورية المسلحة، في أيدي القوات الحكومية، تعود دبلوماسية صنع السلام إلى الواجهة مع المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة في جنيف المرتقبة هذا الأسبوع.

وتضيف الصحيفة أن ذلك أمر مرحب به على الرغم من أن الآمال بتحقيق تقدم كبير فيها ضعيفة، إذ منذ عام 2012 حدثت جولات كثيرة من المفاوضات وانقضت من دون أي ثمار حقيقية.

وتشير الافتتاحية إلى ستة أعوام من الحرب حولت سوريا إلى أرض يباب، وأن نهاية الضربات الجوية والتجويع والحصارات وغرف التعذيب لا يمكن أن تكون في يوم قريب.

وتشدد الصحيفة على أن هذه حرب ليس فيها منتصرون، بعد مقتل ما يقدر بنصف مليون شخص ونزوح الملايين.

وتخلص إلى أن السلام المستدام لن يتحقق ما لم تتح الفرصة للسوريين لاختيار من سيحكمهم وطريقة هذا الحكم.

البابا والفرصة الضائعة

وتكرس صحيفة التايمز مقالا افتتاحيا وتقريرا في صفحاتها الداخلية لأصداء زيارة البابا فرانسيس إلى ميانمار وإغفاله ذكر اسم مسلمي الروهينجا في خطابه هناك.

وتقول الافتتاحية إن البابا أضاع فرصة قول الحقيقة للسلطة في ميانمار.

وتشير الافتتاحية إلى أن البابا فرانسيس قد يرى أن دوره الدنيوي يتمثل في تحقيق التوافق وليس في المواجهة، لكن ثمة لحظات يمكنه فيها أن يجعل للسلطة الأخلاقية الفريدة دورا في حل أزمات لا يبدو أحدا قادرا على حلها أو راغبا في ذلك.