ساعة لا تنسى في ضيافة رئيس الجمهورية

جمعة, 20/10/2017 - 12:35

ذات مساء , وفي صيف هذا العام كنت أفكر في الخروج من العاصمة لشدة حر تلك الايام ,وأن ألجأ الى مكان بعيد لعلني أجد فيه المتعة والراحة النفسية والجسدية بعد سنة كاملة من الكد والتعب "والدّفرة"
وبينما أنا أترنح بين فكرة وأخرى إذ قطع حبال أفكاري رنين هاتف "نوكيا الظواية" التي في جيبي فقلت في نفسي  :
:هذا واحد أكيد" سيطلب مني بعض النقود وليس في جيبي سوى 1000 أوقيه "والله ما نعطيهم للوالد إلى كَام من قبرو ظركْ يرحمُو"
فنظرت , وأعدتُ النظرَ مرة أخرى إلى شاشة الهاتف فلم أتبيّن الرقم لقِدمِ الهاتف وعدم وجود النظارات في تلك اللحظة فقررت الرد : 
آلو مين امعايَ؟
آلو نعم : امعاك أحمد ولد باهية مدير ديوان رئيس الجمهورية... .
سقط الهاتف من يدى لِهول المفاجأة, ثم التقطته بسرعة ..أهلا وسهلا و100 مرحبا ..وأنا أرتجف من الخوف , لأنني قبل يومين كنت أنتقد الرئيس في مجلس من المجالس , وأتهمه صراحة بعدم الوفاء بما جاء في برنامجه الانتخابي..
والمصيبة الكبرى هي أنني تأكدت أن مدير الديوان ليس مخطئا في الرقم عندما قال :
أأنت فلان بن فلان؟
أيّة مصيبة سوداء حلت بي ؟ قلت في نفسي , ولم أفق إلا على صوته : أنت امعايَ ؟
نعم.. نعم امعاك طبعا صاحب المعالي!!
السيد الرئيس يريد حضورك هذا المساء لحفل عشاء على شرف كبار رجالات الدولة وبعض الساسة وضباط الجيش , ثم قال , وفي نبرة ليّنة مصحوبة بضحكة خفيفة هدّأت من روعي قليلا :
تنتظرك مفاجأة سارة , وستأتيك سيارة رئاسية تنقلك الى القصر بعد صلاة العشاء مباشرة , ثم أغلق الهاتف.

لكن صوته المتفائل وضحكاته الخافتة لم تدع فيّ شعرة إلا ورقصت من الفرحة المشوبة بالترقب.
بعد انتهاء المكالمة ,بدأت على الفور ــ وأنا أسير في الشارع على غير هُدًى ــ أخمّن المفاجأة التي تنتظرني.
أَتراها وظيفة كبيرة في الدولة , ولمَ لا؟ أم لعلها مبلغ كبير من المال ؟ ربما!! , أم هو شيء آخر لا يخطر على البال؟ 

ولم أنتبه إلا على صوت فرامل سيارة كادت تدهسني فوق الشارع , وسائقها يلعنني ويصرخ بأعلى صوته  :
هل أنت مجنون , أم أعمى , كيف أم أصم....تمشي وسط الشارع بهدوء وكأنك في صحراء واسعة؟
لاحت مني التفاتة سريعة إليه ثم ابتسمت ومضيت , وفي نفسي سخرية من الرجل , فالمسكين لا يدري أنني بعد قليل سأكون جالسا مع رئيس الدولة وجها لوجه , وربما يشاهدني في التلفزة الوطنية وأنا أجلس بين كبار الضيوف.
بعد صلاة العشاء مباشرة اتصل بي سائق سيارة الرئاسة , فتواعدنا في مكان معين , ثم انتقلنا سريعا الى القصر الرمادي وأثناء الطريق ــ وأنا أجلس على المقاعد الخلفية الوفيرة وحدي كما يفعل كبار المسؤولين ــ وددت لو طلبت من السائق إعارة سروال لأن سروالي قديم وغير مكوي , لكن أبّهة السيارة ولذة الجلوس في المقاعد الخلفية , وما تتركه في نفس الانسان من إحساس بالخيلاء والكبرياء منعتني من سؤاله , مع حاجتي الشديدة الى سروال جديد أدخل به أجواء الحفل الرئاسي , والذي عرفت فيما بعد أنه أشبه شيء بعروض الازياء التي نشاهدها على الشاشات...
لم تطل الرحلة حتى دخلت السيارة القصر من البوابة الخلفية المقابلة للمسجد الصغير اليتيم الذي أمر ببنائه الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله..

كان رئيس الجمهورية شخصيا هو من يستقبل الضيوف بعد أن يُعرِّفه كل شخص على نفسه ووظيفته , وعندما حان دوري لمصافحة فخامته قدمت له نفسي أنني فلان الفلاني ثم أتبعتها....

اضغط هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــنا لمتابعة القصة الشيقة