تامشكط تستغيث !!!

اثنين, 30/01/2017 - 19:50

في يوم من أيام ستة 1927م ، إختطف لصوص من جمالة الصحراء قطيع إبل لأسرة "أهل حمزة" المشهورة ، نُقل الخبر بسرعة إلى  الحاكم الفرنسي في مدينة كيفه ، فقرر بعد تشاور مع سلطته المركزية في سان لويس ، إنشاء مركز مراقبة على ربوة "أجميل لقرب" المرتفعة لتأمين حياة سكان المنطقة وممتلكاتهم من صولة عصابات الصحراء المسلحة.

لهذه الأسباب أسس سنة 1927م ، مايعرف اليوم بمقاطعة تامشكط ، التي كانت تابعة لدائرة العصابة في فترة كان ما يسمى بالحوض تابعا لإقليم السودان الفرنسي ،إلى أن فصله الوالي الفرنسي "لقري" سنة 1945م و أسس مدينة العيون العاصمة الحالية للولاية في النفس العام و ألحق بها مقاطعة تامشكط .

ورغم قدم المقاطعة ، وكونها تعتبر أمًا لجميع مقاطعات الولاية الأخرى ، فإنها لم تحظى حتى الآن بالعناية اللائقة بدورها التاريخي المتألق ، وبكثافتها السكانية و بشساعة المساحات التي تغطيها بلدياتها الخمس ، وجمال طبيعتها الخلابة و تنوع تضاريسها الجغرافية و قابليتها لتحقيق الإكتفاء الذاتي من المواد الغذائية لو أنها إسترعت إهتمام المستثمرين الوطنين و الأجانب .

ولو أردنا بإيجاز أن نرسم لوحة واقعية لوضعية المقاطعة للاحظنا مايلي:

- أن العزلة التي وعدت الحكومات المتتالية منذ عهدالإستقلال بفكها لا تزال على أشدِّها.

- أن مستوى التعليم في إنخفاض مضطرد ، وأن نسبة التمدرس تنهار كل سنة بفعل التسيب الحاصل في صفوف التلاميذ و سلك الأساتذة و المعلمين و إنعدام التفتيش .

- أن المحاظر التقليدية تكاد تختفي نظرًا لهجرة روادها بحثا عن التعليم المنهجي في العاصمة ، وطمعا في التوظيف.

- أن المصالح الصحية تقتصر على مستوصف واحد ، و أن المراكز الطبية تقدم في أحسن الحالات العلاجات الأولية ، وتنعدم فيها المختبرات و سيارات الإسعاف لنقل المرضى و التخصصات الطبية حيث لا يوجد سوى طبيب عام واحد في عاصمة المقاطعة.

-عدم وجود أي بنية رياضية في المقاطعة، و غياب تام للفضاءات الثقافية و الأنشطة التحسيسية و البرامج التوعوية و التثقيفية و التكوينية للشباب و النساء.

- أن السدود القليلة التي صمدت في وجه السيول المطرية الجارفة هي في الغالب التي شُيدّت قبل سنة 1960م.

- أن مصالح حماية البيئة و المصالح البيطرية ، لا يحسب لها دور يذكر في الوقت الراهن ، لا في حماية البيئة و لا في الرعاية الصحية للمواشي.

- أن ندرة مياه الشرب في فترة الحر الشديد تُعرض حياة السكان و مواشيهم للخطر.

و يجدر بي أن أُوضح أني لم أرمي من خلال رسم هذه اللوحة القاتمة ، لوضعية تامشكط الاقتصادية ، إلى النقد أو المساس من دور أي أحد ، وإنما أردت إيقاظ ضمائر شباب المقاطعة و مسؤوليها السياسين و السلطات المركزية المختصة و إستنهاض هممهم لتضافر الجهود و التنسيق ، كي لا تبقى هذه المنطقة الغالية من الوطن منسية ، وأن تدخل حيّز اهتمام المسؤولين الوطنين لإدراج مشاريعها التنموية المختلفة في كافة المخططات التنموية الوطنية القادمة، و أن لا يكون ذلك مجرد وعود تبقى فيما بعد حبر على ورق .

جدو ولد خطري